ظهرت الصحافة الاستقصائية مع بداية تطور مفهوم ودور الصحافة في المجتمع واتجاهها في التركيز والتحرى عن قضايا معينة تحدث في المجتمع، خاصة جوانب الانحراف والفساد ولهذا ظهر نوع جديد من التغطية الصحفية سمى بالصحافة الاستقصائية Investigative Journalism وسمى محررو هذا اللون بـ: Muck Rekers أو المنقبون عن الفساد. وقد أطُلق هذا الاسم على مجموعة الصحفيين الذين قادوا حملات صحفية مهمة ضد الفساد واعتمد هؤلاء الصحفيين في حركتهم الصحفية على نشر التحقيقات الصحفية الكاشفة المبنية على وثائق رسمية وخاضعة لمراقبة الخبراء.
تشمل الصحافة الاستقصائية كشف أمور خفيّة للجمهور – أمور إما أخفاها عمداً شخص ذو منصب في السلطة، أو اختفت صدفة خلف رُكام فوضوي من الحقائق والظروف التي أصبح من الصعب فهمها. وتتطلب استخدام مصادر معلومات ووثائق سرية وعلنية.
تهدف التغطية الإخبارية التقليدية إلى خلق صورة موضوعية للعالم كما هو… أما التغطية الاستقصائية، فتستخدم بطريقة موضوعية، مواد ومعلومات حقيقية تتحول إلى حقائق يوافق أي مراقب عقلاني على أنها حقيقية. ويحرك الصحافي الاستقصائي هدف ذاتي غير موضوعي يتمثل برغبة في إصلاح العالم. فمن المسؤولية أن نعرف الحقيقة كي يمكن تغيير العالم.خلافاً لما يحب بعض المحترفين قوله، فالصحافة الاستقصائية ليست فقط صحافة تقليدية جيدة وحسنة التنفيذ. صحيح أن شكلي الصحافة هذين يركزان على أربعة عناصر هي: من وماذا وأين ومتى، ولكن العنصر الخامس للتغطية التقليدية “لماذا”، يتحول إلى عنصر “كيف” في الاستقصاء. ولا يتم تطوير العناصر الأخرى كميّاً فقط، بل ونوعياً أيضاً. “من” ليست مجرد اسم ولقب، بل وشخصية لها صفة وأسلوب مميزان. وليست “متى” فقط حاضر وقوع الأخبار، بل سياقا تاريخيا للسردً. وليست “ماذا” مجرد حدثٍ، بل ظاهرة لها أسباب ونتائج. وليست “أين” مجرد عنوان، بل موقعا أو مكانا تصبح فيه إمكانية وقوع أحداث أو أشياءٌ معينةٌ ممكنة أكثر أو أقل. هذه العناصر والتفاصيل تمنح الصحافة الاستقصائية، في أفضل أحوالها، ميزة فنيَّة تُعزز أثرها العاطفي على المتلقي.
باختصار، ورغم أن الإعلاميين قد يقوموا بكلا النوعين: التغطية اليومية التقليدية والعمل الاستقصائي في مجرى مهنتهم، فإن النوعين يشملان أحياناً مهارات وعادات عمل وعمليات وأهدافا مختلفة جداً. حيث يقول مارك هانتر أستاذ الصحافة الاستقصائية في جامعة باريس:«في العمل اليومي نعكس كصحفيين واقع المجتمع، وفي العمل الاستقصائي نهدف لتغيير واقع المجتمع.
Comparte este contenido:
Copyright ©2023 UNIÓN MUNDIAL DE PERIODISTAS Y PERSONAS DE LOS MEDIOS Todos los derechos reservados.